وهذا نص كلمة الشيخ نهيان بن ميارك آل نهيان عضو مجلس الوزراء،وزير التسامح التي ألقاها في افتتاح القمة العالمية للتسامح
صاحب السمو ، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ،
رئيس الدولة ، رئيس مجلس الوزراء ، حاكم دبي ،
أصحاب السمو والمعالي والسعادة ،
ضيوفنا الكرام ،
أيها الحفل الكريم :
هذا هو التسامح في الإمارات ، الذي يتأكد بحمد الله، في كافة ربوع الدولة، بفضل قادة الإمارات ، الحكماء والمخلصين ، وبفضل شعب الإمارات ، المسالم والمتسامح ، والحريص على تحقيق كل ما يرتبط بالتسامح والسلام ، من تقدم إنساني واجتماعي واقتصادي : هو شعب يلتحم بكل قوة ، مع قادته ، في إطار تتكاتف فيه ، كافة مؤسسات المجتمع ، لمكافحة التعصب والتطرف ، والتمسك بالقيم والمبادئ الإنسانية ، التي يشترك فيها ، بنو البشر ، في كل مكان .
إن من فضل الله على الإمارات ، أن قيض لها ، قادةً حكماء ومخلصين ، بدءاً بمؤسس الدولة ، المغفور له الوالد ، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، عليه رحمة الله ورضوانه ، وهو الذي كان مع رفاقه ، من الآباء المؤسسين ، منفتحاً على العالم ، يتفاعل بإيجابية ، مع الجميع – كان الوالد الشيخ زايد ، رحمه الله – حريصاً كل الحرص، على تنمية قيم التسامح ، والتعايش ، والمساواةأمام القانون – كان يعتز غاية الاعتزاز، بتراثنا العربي والإسلامي ، الذي وفر لنا على مر التاريخ، منظومة متكاملة ، من التقاليد العريقة ، والقيم الأصيلة ، التي أعانتنا على تحقيق التفاعل والتواصل الإيجابي ، مع الجميع – كان رحمه الله ، في إطار ذلك كله ، مثالاً في العدل ، والتراحم ، والتعارف ، والشجاعة في تحمل المسؤولية – وقد استمر التزام الدولة ، بهذه القيم والمبادئ ، مع صاحب السمو الوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، رئيس الدولة – حفظه الله ورعاه ، ومعه أخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيس الدولة ، رئيس مجلس الوزراء ، حاكم دبي ، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، ولي عهد أبوظبي ، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ، ومعهم جميع قادة الدولة الكرام .
مرحباً بكم يا صاحب السمو ، إلى هذه القمة العالمية للتسامح ، التي تحظى بشرف رعايتكم لها ، ومرحباً بكافة ضيوفنا الكرام – إنني أقف أمامكم اليوم ، بصفتي وزير التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة ، وبصفتي رئيس مجلس أمناء المعهد الدولي للتسامح ، التابع لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد العالمية – أقف أمامكم : تجسيداً قوياً ، لرؤية دولتنا العزيزة ، في أهمية أن يكون التسامح ، جزءاً أساسياً ، في مسيرة المجتمع – أقف أمامكم ، دليلاً حياً ، على التزامنا في الإمارات ، بأن التسامح والتعايش ، يتطلب من الجميع ، العمل الجاد ، وبذل الجهد بشكلٍ دائم ، سواء في التعليم والتوعية ، أو في دور وسائل الاتصال والإعلام ، أو من خلال بناء الشراكات ، المحلية والعالمية ، التي تسهم في بث الأمل في المستقبل ، وتؤدي إلى تحقيق السلام ، والرخاء ، والحياة الكريمة ، للجميع .
إن هذه القمة العالمية للتسامح ، يا صاحب السمو ، هي إعلان مهم ، بأننا في الإمارات ، حريصون كل الحرص ، على التعاون التام ، مع كافة الدول والمنظمات ، من أجل نشر التسامح ، وبث الأمل والتفاؤل ، في العلاقات ، بين الأشخاص والطوائف والجماعات ، سواء داخل الوطن أو خارجه – نحن على استعدادٍ كامل ، لعرض تجربتنا الناجحة ، أمام الآخرين ، كما أننا ، حريصون في الوقت نفسه ، على التعرف على التجارب الناجحة، في كافة بقاع العالم – إن القمة العالمية للتسامح، هي منبر عالمي مرموق بإذن الله ، يوفر الحوار الإيجابي والصادق ، بين أتباع الحضارات والثقافات والمعتقدات ، بحيث يعتاد الجميع ، على تبادل الأفكار والخبرات ، والاستماع إلى الآخر ، والتعايش معه ، في سلامٍ ووئام .
إنني آمل بعون الله ، أن تكون هذه القمة العالمية للتسامح ، وفي ضوء تجربتنا الناجحة في الإمارات ، مجالاً للعمل ، على تنمية القدرة ، على تحقيق التسامح والسلام في العالم – أدعوكم في هذه القمة ، أيها الحفل الكريم ، إلى أن نعمل سوياً ، من أجل تحقيق الإسهام الفاعل والإيجابي ، لكافة مناطق العالم ، في مسيرة البشرية – أدعوكم إلى أن نعمل معاً ، في سبيل تصحيح المفاهيم الخطأ ، عن الثقافات والمعتقدات – أدعوكم إلى أن تكون هذه القمة ، طريقاً إلى أن يصبح التسامح ، مجالاً للريادة والابتكار والمبادرة ، وميداناً للعمل المشترك ، وللمشاركة الفاعلة للجميع ، من أجل تحقيق الرخاء والخير للجميع – أدعوكم إلى الاتفاق معنا ، في أن التنوع والتعددية ، في المجتمعات البشرية ، يجب أن تكون ، قوة خلاقة وإيجابية ، لتحقيق التنمية والاستقرار ، في هذه المجتمعات ، عبر العالم .
يا صاحب السمو : إن الإمارات ، بفضل الرؤية المستنيرة لكم ، ولقادة الوطن الكرام ، هي وبحمد الله، دولة حاملة لراية الوسطية ، والاعتدال، والفكر السليم : دولة تنفتح على العالم كله ، بوعي وذكاء ، دولة لها علاقات ممتدة مع جميع دول العالم ، وتمثل الآن ، مصدر إشعاع حضاري عالمي كبير، ومجالاً للتفاعل والتعاون بين الثقافات العالمية، ونموذجاً رائعاً ، في خدمة الإنسان في كل مكان – نحن الآن ولله الحمد ، دولة تتمتع بالقدرة على الريادة والمبادرة والابتكار : دولة تحظى ببيئة إنسانية راقية ، يعيش فيها الجميع ، في انسجامٍ وتناغمٍ ووئام – كل ذلك ، يجعل من الإمارات ، دولة قائدة ورائدة ، في مجال التعاون بين الثقافات : دولة مؤهلة تماماً ، كي تكون مركزاً عالمياً مرموقاً ، يركز على تنمية الجوانب الإيجابية ، في العلاقات بين الثقافات والحضارات العالمية ، وتعميق الوعي بها ، بما يسهم في تعميق أواصر المحبة والتفاهم والتعايش ، بين الأمم والشعوب .
إن انعقاد هذه القمة العالمية ، يا صاحب السمو ، هنا في دبي ، وفي الإمارات ، وفي ظل رعايتكم الكريمة لها ، هو تجسيد حقيقي، لذلك كله .
إنه يشرفني الآن ، أن أعلن أمامكم ، أن وزارة التسامح ، ومعها المعهد الدولي للتسامح ، ملتزمة تماماً، بشعار هذه القمة ، من أن تحقيق المنفعة الكاملة، من التنوع والتعددية ، في سكان العالم ، هو مجال حيوي ، للابتكاروالعمل المشترك – يشرفني أن أعلن الآن ، أن الوزارة ، إدراكاً لدورها المقرر في العالم ، سوف تقوم بتنفيذ مبادرتين مهمتين : المبادرة الأولى : هو أننا في الإمارات ، قد أطلقنا " المشروع الوطني لبحوث التسامح " ، وهو مشروع مستمر عبر السنوات القادمة ، ليكون مجالاً للإبداع والابتكار ، للباحثين في الدولة ، والباحثين في العالم ، حول العوامل والشروط وبرامج العمل ، التي تسهم في نشر التسامح ، بين الأفراد ، ولدى الأسر ، وفي المجتمعات المحلية ، وفي العالم بشكلٍ عام – هذا المشروع ، سوف يؤدي بعون الله، إلى اقتراح السياسات والخطط ، التي تعمل على نشر التسامح ، والتعايش ، والسعادة ، في المجتمعات البشرية ، حول العالم ، كما أنه سوف يسهم أيضاً ، في تأكيد مكانة الإمارات ، في حركة الابتكار والعمل المشترك ، في مجالات التسامح والتعايش ، في العالم أجمع .
أما المبادرة الثانية : فهي السير قدماً نحو تأسيس " التحالف العالمي للتسامح " ، إدراكاً بأن نشر التسامح ، هو مسؤولية المجتمع ، ومسؤولية العالم كله ، ولا يعتمد فقط على ما تقوم به الحكومات ، من جهدٍ أو عمل – التحالف العالمي للتسامح ، الذي سوف ينطلق بعون الله ، من الإمارات ، هو مظلة عالمية ، تسمح بتحقيق التعاون والعمل المشترك ، بين الأفراد ، والمنظمات، ومراكز البحوث ، وكافة المؤسسات الأخرى ، ذات العلاقة ، من أجل نشر التسامح والسلام ، في العالم .
وبهذا يا صاحب السمو ، يتأكد البعد العالمي ، في عمل الوزارة ، وفي عمل المعهد الدولي للتسامح ، وتتأكد رؤيتكم ، ورؤية قادة الوطن معكم ، بأن التعددية الناجحة ، والتعايش السلمي المرموق ، والدراسة والمناقشة الهادفة ، والحوار والتواصل الإيجابي ، هي كلها ، أدوات مهمة ، لبناء مستقبل ناجح ، في كافة ربوع العالم ، بإذن الله .
أدعو الله سبحانه وتعالى ، أن يجعل التوفيق ، حليف هذه القمة العالمية للتسامح ، لتكون وكما نريد لها ، تجسيداً حقيقياً ، لحرص الإمارات ، في ظل قادتها الأوفياء ، على نشر وتأكيد ، مبادئ التسامح ، والتعايش السلمي ، والاحترام المتبادل ، بين الجميع ، لما فيه مصلحة الجميع .
أشكركم ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .