نظمت جمعية الصحفيين الإماراتية تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش وبالتعاون مع الأمانة العامة لتحالف مركز الفكر والثقافة العربية وبالتنسيق مع مكتب نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية النسخة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية بعنوان “ندوة التسامح والتعايش السلمي”.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في كلمته الإفتتاحية المرئية المسجلة إن هذه الندوة ، عن التسامح والتعايش السلمي، تجسد حرص أبناء الأمة العربية ، على التعرف عن قرب وبذكاء، على خصائص مجتمعاتنا، وعلى الوسائل اللازمة ، لدعم قدرات هذه المجتمعات، على تحقيق ما نرجوه لها ، من عزةٍ وتقدمٍ ونماء.
ورحب معاليه بالحضور ، مشيداً بما تسعى إليه هذه الندوة ، من تأكيد لمبادئ التسامح ، والتعايش، والأخوة الإنسانية ، في المجتمعات العربية، وذلك في إطارٍ من الثقة الكاملة ، بالقدرات الفائقة، على تحقيق الأهداف، وعلى الإسهام الفاعل ، في مسيرة البشرية كلها.
وأشار معاليه إلى أن هذه النسخة الحادية عشرة ، لمنتدى الفكر والثقافة العربية ، إنما تجيء امتداداً طبيعياً ، لما تحرص عليه الإمارات ، من إحتضان أكثر الأنشطة والفعاليات ، إقتداراً وإبداعاً ، وذلك في إطار المكانة الرفيعة ، لهذه الدولة العزيزة ، تلك المكانة التي تتحقق بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وهو القائد المخلص ، الذي يتسم بالحكمة ، والقدرة على الإنجاز ، والثقة بالنفس والوطن والأمة ، بل وكذلك ، بالنظرة الواثقة إلى المستقبل ، مؤكدا بالغ الإعتزاز ، أن سموه ، حريص كل الحرص، على أن تكون دولة الإمارات دائماً ، النموذج والقدوة ، لدول العالم أجمع ، في جودة الحياة ، وفي تمكين جميع السكان، من العيش في سلام ، وأمان ، واستقرار.
وقال معاليه إن وجودكم معنا ، في هذه الندوة ، أيها الإخوة والأخوات، إنما يشير بكل وضوح ، إلى أن بلادنا العربية ، ترى أن التسامح والتعايش ، هما جزء مهم في تراثنا العربي والإسلامي ، وهما بذلك ، يشملان الحياة في سلام مع الآخرين ، واحترام معتقداتهم وثقافاتهم ، والإدراك الواعي ، بأن التعددية والتنوع ، في خصائص السكان ، هما مصدر قوة للمجتمعات البشرية – التسامح والتعايش ، في التراث العربي والإسلامي ، يؤكدان أهمية تنمية المعرفة بالبشر أجمعين ، والإنفتاح عليهم ، والحوار معهم ، وقبولهم شركاء كاملين في المجتمع والعالم ، وذلك دونما أي إقصاء ، أو تفرقة ، أو تمييز لافتا إلى أن التسامح والتعايش ، في التراث العربي والإسلامي ، هي أدوات مهمة ، لتحقيق التقدم الإقتصادي والإجتماعي المنشود ، في إطارٍ من التضامن والتكافل ، والقدرة على التعامل الناجح ، مع الآخرين.
وأضاف “ إنما يبعث على التفاؤل والثقة ، أننا نجد الآن في بلادنا العربية ، وعياً متزايداً ، لدى الأفراد ، والأسر ، ورجال الدين ، ومجتمع الأعمال ، ومؤسسات الإعلام ، والمدارس والجامعات ، والوزارات والهيئات ، ومؤسسات المجتمع المدني كما نجد وعياً متزايداً ، بأهمية أن يقوموا جميعاً ، بأدوارهم ، في نشر مبادئ وقيم التسامح والتعايش السلمي ، وفي محاربة التطرف ، ومكافحة التشدد والمغالاة ، والتخلص من اتجاه البعض ، إلى إستخدام الدين ، كستار للعنف ، أو نشر الكراهية في المجتمع”.
وذكر معاليه عدد من الملاحظات ، التي تتعلق بجدول أعمال هذه الندوة، مشيرا إلى أن الملاحظة الأولى هي أننا في الإمارات ، نرى أن التسامح والتعايش السلمي، هما الطريق إلى عالم أكثر تقدماً ، وأكثر سلاماً ، وأكثر رخاءً مؤكدا أن التسامح هو جزء من القوة الناعمة للدولة ، وأن المجتمع المتسامح ، يكون أكثر قدرة ، على مواجهة تحديات العصر ، سواء في ذلك ، تحديات البيئة ، أو التعليم، أو الرعاية الصحية ، أو توفير سُبل العيش الكريم للجميع ، أو في التعامل مع العلاقات الدولية المتغيرة ، وإيجاد حلول سلمية للنزاعات والصراعات.
وقال معاليه إن تحقيق التسامح والتعايش السلمي ، في المجتمع والعالم ، هو مسؤولية الجميع ، يعملون معاً ، من أجل تحقيق الخير ، والرخاء ، للفرد ، وللمجتمع ، وللعالم كله ، مؤكدا أن السعي نحو تحقيق التسامح والتعايش السلمي ، لا يجب أن يقتصر فقط ، على المناقشات النظرية ، بل يجب أن يكون مجالاً للمشاريع العملية ، ومبادرات الريادة الإجتماعية والإقتصادية ، وبرامج التطوع والخدمة العامة.
وأكد أن كل هذا قد تجسد بكل وضوح، في وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية ، التي صدرت خلال زيارة قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة، وفضيلة الإمام الأكبر، الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، للإمارات، في عام 2019 ، وبدعوة كريمة، من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”.
كما أكد أن هذه الوثيقة التاريخية ، وما ترتب عليها ، من قرار الأمم المتحدة ، باعتبار يوم إصدارها ، يوماً عالمياً سنوياً ، للأخوة الإنسانية ، إنما تسلط الضوء ، على دور الإمارات الرائد ، ودور قادتها المخلصين ، في أن يكون التفاعل الحضاري والثقافي والإنساني ، وسيلة أساسية ، لنشر قيم السلام التسامح والأخوة ، في العالم.
وأضاف معاليه أن الملاحظة الثانية هي أن تجربة دولة الإمارات ، تؤكد أن التسامح والتعايش ، يدعوان دائماً ، إلى التراسل المتوازن، بين الحقوق والواجبات ، لافتًا إلى أن التسامح والتعايش، يؤديان إلى تحقيق الإستقرار في المجتمع ، وإلى بناء دولة يسودها العدل والسعادة ، دولة تلتزم بتحقيق الخير والتقدم ، لجميع المواطنين ، دون إستثناء .
وأكد معاليه قائلا “.. وأنتم تناقشون دور التسامح والتعايش ، في تحقيق إستقرار وتقدم الدولة الوطنية.. أن المجتمع الناجح في هذا العصر ، إنما يقوم على سواعد مواطنين ملتزمين ، لديهم الطاقة والقدرة ، على التواصل الناجح ، مع أقرانهم وزملائهم ، في الداخل والخارج ، مواطنين قادرين على العمل الجماعي ، حريصين على الإنفتاح على إنجازات التطور في العالم.
وقال إن علينا أن نتذكر دائماً أن مسيرة المجتمع ، إنما ترتكز في الأساس ، على سلوك وأداء أفراده ومؤسساته ، وأن المجتمع الناجح ، يضع القيم والمبادئ الإنسانية ، في موقع القلب من مسيرته ، ويحظى بمناخٍ عام ، يشجع على الوفاق، ونبذ الخلافات ، ويركز على مبادئ العدالة والمساواة ، ويجعل مصلحة الدولة ، فوق مصلحة الأفراد ، وفوق مصلحة الطوائف والجماعات.
ولفت معاليه إلى الملاحظة الثالثة التي تتعلق بدور الحكومات ، في تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي قائلا إن تعزيز دور الحكومة كحاضنة للتسامح ، هو واحد من المحاور المهمة ، في عمل وزارة التسامح والتعايش في الإمارات مؤكدا أن الحكومة لها دور أساسي ، في التعامل الناجح ، مع ظاهرة التنوع والتعددية ، في خصائص السكان ، وفي إستيعاب وتمكين الجميع ، بما يحقق السلام والإنتماء والولاء ، لمسيرة المجتمع لافتًا إلى أن الحكومة عليها واجب ومسؤولية ، في تنمية صفات التسامح ، لدى جميع العاملين فيها ، و عليها واجب ومسؤولية ، في رعاية القيم الإنسانية ، و في عمل كل وزارة ، وفي التأكيد على توفير مناخ عام في الدولة يشجع على الوفاق ، ويتسم بالاحترام للجميع ، ويقدم الخدمات للسكان ، بودٍ وإخلاص ، وحرصٍ على تحقيق الصالح العام.
وقال إن للحكومة كذلك، دور مهم ، في تمكين وسائل الإعلام ، والمدارس والجامعات ، وكافة مؤسسات المجتمع ، من أداء دورها المقرر ، في نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي ، بما في ذلك دورها في تصحيح المفاهيم الخطأ ، عن الثقافات والمعتقدات المختلفة ، وفي تشكيل وعي الناس ، وتعميق إدراكهم بالعالم من حولهم ، والسعي نحو نبذ الأفكار الهدامة ، ومكافحة الشائعات ، والأخبار المغلوطة والمزيفة، ونشر ثقافة التعايش والتسامح والأخوة الإنسانية.
من جانبه قال محمد الحمادي رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية إن الندوة تركز على أهمية نشر فكر التسامح والتعايش السلمي في المجتمعات ودور الحكومات في نشر هذه الثقافة، و على التأثيرات الإيجابية سواء الاقتصادية ، الاجتماعية ، الأمنية ، السياسية على المجتمعات من نشر هذه الثقافة.
وأضاف أن دولة الإمارات تقود هذه القاطرة بمشاريعها و باهتمامها و رؤاها الكبرى، مؤكدا أن اليوم لم تعد فكرة التسامح والتعايش السلمي مسألة إماراتية بل هي اليوم موجودة في المنطقة كلها، ونحن بحاجة حقيقة إلى أن ننشر هذا الفكر في العالم بأسره، وخصوصا في منطقتنا التي تتمتع بتميز وتمايز ثقافي ديني مذهبي طائفي، وهذا كله بحاجة إلى نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي.
من جهتهم أوصى المشاركون في الندوة أن التسامح والتعايش السلمي، هما الطريق إلى عالم أكثر تقدماً ، وأكثر سلاماً ، وأكثر رخاءً، وأن المجتمع المتسامح يكون أكثر قدرة على مواجهة تحديات العصر.
وأضاف المشاركون أن الدول إذ تتفاوت في مقاربتها لقيم التسامح والتعايش، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الأنجح خليجياً وعربياً وعالمياً في تطبيق هذه القيم.
و أكدوا أهمية انتهاج دبلوماسية ثقافية جريئة تساهم في الدفاع عن قيم التسامح والتعايش عبر العالم، من خلال المشاركة الفعالة للدول العربية في المبادرات الدولية في مجال تشجيع المبادلات الثقافية بين الأمم. بهذا الصدد، من المفيد التفكير في إحداث منصب مبعوث خاص للجامعة العربية من أجل التسامح والتعايش.
كما أكدوا أن وثيقة “الأخوة الإنسانية” تعد دستوراً للتقارب بين الثقافات والأديان، تدفع العالم، بمنهجيتها ومبادراتها النبيلة، إلى مزيد من التعايش والأخوة والسلام.
وأشاروا إلى أن إفتتاح بيت العائلة الإبراهيمية علامة فارقة على طريق التسامح والتعايش السلمي، يُمثل اعترافاً بالتعددية والتنوع واحتراماً للفوارق، و جسراً للتواصل الحضاري بين أتباع الأديان، بما يسهم في معالجة ظواهر التطرف والعنف والإرهاب.
وتم خلال الندوة عرض فيلم وثائقي قصير عن سيرة المؤرخ والمفكر معالي الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة رحمه الله.
وثمن سعادة الشيخ أحمد بن خليفة آل خليفة بالنيابة عن عائلة الشيخ الدكتور خالد بن خليفة آل خليفة عالياً جهود اللجان العليا والمنظمة للمنتدى، في تقديرها وتكريمها لأخي الغائب عنا جسدا والحاضر بروحه معنا اليوم، الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة طيب الله ثراه، الذي أفنى عمره بإخلاص في خدمة الثقافة والعلم، وبات فارساً من فرسان المنطقة العربية في مساعيها لتعزيز الصورة الحضارية والتاريخية، حاملاً بذلك راية صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم في نشر قيم التسامح والتعايش السلمي.
من جانبه قال سعادة نبيل بن يعقوب الحمر مستشار جلالة ملك البحرين لشؤون الإعلام إن التعايش والسلم هو مشروع إنساني، ولذلك على الجميع العمل على ترسيخ مبادئ هذا المشروع مؤكدا أن التسامح والسلم شيء لا بد منه لكل الشعوب لكي تعيش في أمن وأمان.
وأضاف أن دولة الإمارات رسخت هذه المبادئ وأعطت لمشروع التعايش السلمي والسلام ليس في المنطقة و الإمارات فحسب، وإنما على مستوى العالم، حيث أن هذا مشروع إنساني، ويجب على الجميع التكاتف لترسيخ هذه المبادئ.