أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش أنه انطلاقا من تجربتنا الإيجابية مع التسامح والتعايش والسلام، نحرص في دولة الإمارات على توحيد الجهود مع غيرنا من الدول والمنظمات بهدف دعم التسامح والتعايش السلمي بما يعود بالفائدة على كافة الأطراف.
وقال معاليه – خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر الدولي ” حكومات العالم حاضنة للتسامح” تحت شعار “دور التسامح والتعايش في استدامة النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار ” الذي يقام ضمن فعاليات ملتقى الاستثمار السنوي 2023 بالعاصمة أبوظبي، بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين – ” نحن على استعداد تام لمشاركة تجربتنا وتقديم فهم أوسع للقوة العالمية للتسامح، وبهذه الروح، أعددنا برنامجا خاصاّ لجلستنا اليوم، حيث ستركز مناقشاتنا على الفوائد الاقتصادية والاستثمارية الرئيسية التي تتدفق من احتضان الحكومات للتسامح. ومن حسن حظنا أن ينظم إلينا في هذا المؤتمر مجموعة من الوزراء من جميع أنحاء العالم تكرموا بالموافقة على مشاركتنا تجارب حكوماتهم لتعزيز التسامح ومكافحة التعصب، كي نتبادل وجهات النظر حول أهمية التسامح في المؤسسات الحكومية من خلال ورشتي عمل، وأنا على ثقة من أن فائدتها ستعم على الجميع”.
وأضاف معالي الشيخ نهيان بن مبارك ” أضم صوتي إلى أصوات أولئك الذين يعيشون ويعملون في دولة الإمارات في الترحيب بضيوفنا الكرام الذين قدموا إلى أبوظبي، وهي عاصمة الدولة الوحيدة في العالم التي أنشأت وزارة للتسامح والتعايش، ويسر الوزارة استضافة هذا المؤتمر الذي يركز على أهمية السلام والتسامح، كجزء من ملتقى الاستثمار السنوي هنا في أبو ظبي، وإن اجتماعنا اليوم يعبر عن قناعتنا بدور القيم والأفكار المشتركة للتسامح والتعايش في إشاعة السلام والوئام بيننا، ويسعدني أنكم اجتمعتم هنا اليوم لاستكشاف القيم المهمة للتسامح والتعايش السلمي والنظر في أفضل السبل للاستثمار في حاضر المجتمع ومستقبله”.
وقال “ أقف أمامكم، بصفتي وزير التسامح والتعايش في الإمارات، وهي واحدة من أكثر البلدان تنوعا عرقيا ودينيا في العالم، ولكنها في الوقت ذاته، واحدة من أكثر الأماكن سلاما وانسجاما وازدهارا على وجه الأرض، ومنذ اليوم الأول لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة على يد الوالد المؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ”طيب الله ثراه” في عام 1971، كان التسامح منهجها وأحد أهم قيمها، وكان الشيخ زايد يؤمن إيمانا راسخا بأن احترام الآخرين وتقديرهم، والقدرة على العيش معهم في احترام وسلام ، من شأنه أن يوفر الأساس السليم لبلد مدني وسلمي ومزدهر، كان يعلم أنه يجب علينا أن نفهم ونحترم كافة الثقافات والجنسيات والأعراق والأديان والمعتقدات المختلفة التي ستمثلها الدولة، فالتسامح في رأيه يتعلق بإظهار اهتمام حقيقي بحق جميع البشر في العيش والرفاهية، وهو ما طبقه في كل أعماله”
وأضاف معاليه ” اليوم فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، يجسد هذه القيم في كافة أقواله وأفعاله ومبادراته محليا ودوليا، والمثال الأبرز على روح التسامح والتعايش التي تحلى بها سموه حدثت هنا في أبوظبي في عام 2019 خلال الزيارة التاريخية التي قام بها قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ، فكانت قيادته الحكيمة وإيمانه الراسخ بالتسامح والأخوة الإنسانية وجهوده الدؤوبة، هي الأساس المتين الذي جعل من زيارة البابا والإمام الأكبر حدثا تاريخيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث ركزا معا على الاهتمام بتعزيز الأخوة الإنسانية في جميع أنحاء العالم، واحتفوا بقيمة الحوار بين الشعوب من مختلف الأديان والمعتقدات، وتجسد ذلك في وثيقة أبو ظبي للأخوة الإنسانية، والتي تم توقيعها خلال الزيارة، وركزت الوثيقة على الواجب الأخلاقي، الذي علينا جميعا الالتزام به إذا رغبنا في مواجهة التحديات العالمية الكبرى في القرن الحادي والعشرين”.
وأوضح معاليه أن دعم صاحب السمو رئيس الدولة إنشاء وزارة التسامح والتعايش في الإمارات ، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك في أن قيادتنا قد خلصت إلى أن التسامح ليس حالة متأصلة أو طبيعية، ولا هو موقفا يمكن التعبير عنه بسهولة محليا أو عالميا، فقد أدركوا أنه يجب رعاية التسامح بصفة مستمرة، وأن على الجميع العمل معا لبناء عالم من التفاهم المتبادل والعدالة، عالم خال من التطرف والعنف والكراهية، عالم يسوده السلام والازدهار والأمان ومستقبل أفضل لجميع البشر، وأن هذا في حاجة إلى جهود مؤسسية مستمرة.
ولفت معاليه إلى أن الهدف من إنشاء وزارة التسامح والتعايش كان ومازال هو الحفاظ على قيم التسامح والأخوة الإنسانية باعتبارهما أساساً في تنمية بلدنا وتقدمه، ونحن نطرح مبادراتنا وأنشطتنا وبرامجنا بالتعاون مع شركائنا المحليين والدوليين، لإنشاء مجتمعات متسامحة تتألف من أفراد متسامحين ومنظمات وهيئات متسامحة، وتقوم مهمة الوزارة على القناعة بأن التسامح يؤدي إلى مزيد من العدالة، مع تمكين الأفراد من العمل معا لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتنمية بمفهومها الشامل، كما يساعد التسامح على توفير قدر أكبر من السلامة للأفراد والمجتمعات والأمن والسلام والازدهار، وبالتالي المساهمة في بناء مجتمعات أكثر استدامة وانسجاما وسعادة.
وأكد معاليه أن كافة المواطنين والمقيمين على أرض الإمارات يتمتعون بفوائد السلام والتسامح، حيث يوفر مجتمع الامارات المتسامح بيئة آمنة يمكن لجميع الأفراد من خلالها الحصول على التعليم وكسب لقمة العيش ورعاية الأسرة وعيش حياة تخلو من العنف، مؤكدا أن الجميع هنا يدرك أن التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة هو مطلب ضروري للتنمية الشاملة والمستدامة، والتقدم الاجتماعي والاقتصادي، والازدهار الوطني والاحترام العالمي، كما يدرك دور التسامح في تهيئة المناخ لتوسيع التجارة الحرة والاستثمار، وتقاسم المعرفة، واستغلال التطورات التكنولوجية، وتشجيع الثقة في السوق والقدرة التنافسية الاقتصادية.
وقال معاليه ” إننا وصلنا لاعتقاد راسخ بأن التسامح يحقق الحكم الرشيد، وتسترشد به الشركات الخاصة في قراراتها آخذة في الاعتبار تأثيرها على المجتمع، كما يسهم التسامح كذلك في وضع سياسة اقتصادية وطنية ناجحة، ويؤكد أخلاقية المجتمع الإماراتي، ويمكنا من التعامل مع قضايا المناخ الملحة، ويعمق ثقتنا واعتزازنا بتراثنا وثقافتنا وهويتنا الوطنية، وكذلك يخلق التسامح فرصا لمشاركة المجتمع المحلي والدولي في تعزيز السلام والازدهار.
وأوضح معاليه أن تجربة دولة الإمارات أظهرت أن هناك ثلاثة مكونات رئيسية على الأقل يحتاجها العالم للنجاح في السعي العالمي لتعزيز التسامح ومكافحة الكراهية والتعصب، أولها هو القيادة، وهنا تبدو أهمية تسليح القيادات العالمية على جميع المستويات بالتسامح والأخوة الإنسانية، وثانيها هو أن يصبح التسامح والأخوة الإنسانية جزءا من الحياة اليومية للمجتمع، فالمجتمعات الناجحة هي التي تمكن شعوبها من الاحتفاء بتنوعها واختلافها، بشفافية وثقة وأمان، كما نفعل هنا اليوم، وثالثها هو الحاجة لوضع قوانين وأنظمة تحظر انتشار التعصب والتطرف وتسارع إلى التخفيف من حدته وتجنبه عند ظهوره، وعلينا أن نعمل جميعا لتحقيق هذه المكونات الثلاثة.
واختتم معاليه كلمته قائلا ” أتمنى لكم التوفيق في مناقشاتكم، وتذكروا أنه عندما نحترم ونقدر بعضنا البعض، ونعيش معا بسلام، ونستمع إلى بعضنا البعض ونتحدث مع بعضنا البعض، وعندما نهتم برفاهية جميع إخواننا من البشر، سنواصل الاحتفال بالتزامنا بالسلام والوئام والازدهار العالمي، شكرا لكم على دعمكم وتفانيكم في خدمة قيم مجتمع عالمي يتسم بالتسامح والأخوة الإنسانية والازدهار للجميع.
حضر المؤتمر عدد كبير من الوزراء من مختلف قارات العالم، إضافة إلى قادة الفكر ومتخذي القرار من القطاعات الحكومية حول العالم، والذين يهتمون بتعزيز ثقافة التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية في منظومة العمل الحكومي.
كما حضر المؤتمر سعادة عفراء الصابري المدير العام بوزارة التسامح والتعايش، وسعادة المستشار محمد عبد السلام الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين.
وتم خلال المؤتمر توقيع مذكرات تفاهم تتناول البناء على مباردة الإمارات ” الحكومة حاضنة للتسامح” لتصبح مباردة دولية، حيث وقعت 7 دول على المذكرة وأعلن المؤتمر أن المجال مفتوح أمام الجميع للمشاركة بالمبادرة.
إلى ذلك وقعت وزارة التسامح والتعايش والوزارات والمؤسسات الممثلة للدول المشاركة في المؤتمر مذكرات تفاهم، تركز على التعاون المشترك في كل ما يتعلق بتعزيز قيم التسامح والتعايش في المؤسسات الحكومية، ونقل التجارب والخبرات بين الإمارات والدول الأخرى من أجل تحقيق الأهداف المنشودة لتعزيز ثقافة التسامح لدى المؤسسات الحكومية حول العالم، وتنسيق المشاركة في الفعاليات والمؤتمرات الدولية المتعلقة بالتسامح، والعمل المشترك لتنظيم أنشطة وفعاليات مشتركة بين الإمارات والدول المشاركة بالمؤتمر، وفتح الباب أمام كافة الدول حول العالم للمشاركة، على أن يتم في المرحلة المقبلة تشكيل فرق عمل لتفعيل مذكرات التفاهم بين البلدان المشاركة، والتنسيق من أجل عقد اجتماعات دورية بين اللجان التنسيقة في البلدان المشاركة، ورفع تقارير دورية إلى القيادات والجهات المسؤولية من أجل مزيد من التعاون والفعالية، واقتراح مجالات وأولويات جديدة في مختلف عمليات التعاون، إضافة إلى عقد الشراكات الدولية لتبادل أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال من خلال التركيز على قطاعات حكومية رئيسية ومنها الصحة والتعليم والاقتصاد والشباب والثقافة والمجتمع والقيم الإنسانية.
واستعرض المؤتمر في نسخته الأولى أكثر 93 من ممارسة محلية ودولية في مجال نشر وتعزيز التسامح في المؤسسات الحكومية من خلال الشاشات التفاعلية والجلسات الفرعية للمؤتمر، وكان من أبرز المؤسسات التي قدمت شرحا وافيا للممارسات المحلية في التسامح من الإمارات، الهيئة العامة للطيران المدني، والهيئة الاتحادية للرقابة النووية، ووزارة الخارجية والتعاون الدولي، ووزارة الداخلية، والهيئة الاتحادية للموارد البشرية، والمجلس الاتحادي للتركيبة السكانية، ومصرف الامارات العربية المتحدة المركزي ، ووزارة الاقتصاد، ووزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، ووزارة الطاقة والبنية التحتية، ووزارة المالية.
بينما تمثلت الممارسات الدولية في مشاركة كل من وزارة الاستثمار – حكومة السند ، باكستان -، ووزارة الصناعة والحرف اليدوية والتجارة والبحوث التكنولوجية وتبسيط الأنظمة – جمهورية سان مارينو -، ووزير التجارة والصناعة والشركات الصغيرة والمتوسطة – غينيا – ووزير التجارة والصناعة – ملاوي – ووزير التجارة والتجارة والأمن الغذائي – سريلانكا -، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية – أرمينيا -، وهيئة الاستثمارات الوطنية – قيرغيزستان – وسفارة ايطاليا في الامارات، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمملكة البحرين، وسفارة المعلومات والتنمية الاجتماعية – كازاخستان –
من جانبه أكد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، المستشار محمد عبد السلام، أن الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة،”حفظه الله” تمثل نموذجا عالميا ملهما في التسامح والتعايش الإنساني، موضحا أن هذا المؤتمر والذي ينعقد ضمن فعاليات ملتقى الاستثمار السنوي 2023 بالعاصمة أبوظبي يمثل فرصة حقيقة لنقل التجربة الإماراتية الرائدة في مجال تعزيز قيم التسامح والتعايش داخل المؤسسات الحكومية.
وأوضح أن انعقاد هذا المؤتمر بالشراكة بين وزارة التسامح والتعايش ومجلس حكماء المسلمين وبمشاركة ودعم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، يهدف إلى تعزيز الجهود الدولية نحو تبني سياسات حكومية داعمة للقيم الإنسانية، مؤكدا أن مجلس حكماء المسلمين، يدعم هذه الجهود البناءة لتشجيع الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي على مستوى حكومات العالم حاضنة التسامح.