أطلق معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش اليوم، جلسات مؤتمر القمة العالمية للتسامح والأخوة الإنسانية الذي تنظمه وزارة التسامح والتعايش بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين في إطار الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية تحت شعار “ متحدون بإنسانيتنا المشتركة”، بمشاركة واسعة لقيادات عالمية من هيئة الأمم المتحدة والأزهر والفاتيكان وقادة دينين عالميين ومفكرين عالميين. ويركز المؤتمر هذا العام على تعزيز الجهود الدولية من أجل الإنسانية إقليميا وعالميا من خلال أربعة محاور رئيسية وهي الإيمان والسلام والكوكب، والتنوع ، إلى جانب أنه يحمل رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي حول جهود الإمارات لتعزيز قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية محليا وعالميا بالتعاون مع كافة الأشقاء والأصدقاء حول العالم.
حضر المؤتمر معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالبحرين وميجيل موراتينوس، وكيل الأمين العام الأمم المتحدة والممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات ومعالي الدكتور علي راشد النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة ومعالي الدكتور مغير الخييلي رئيس دائرة تنمية المجتمع ومعالي الدكتور حنيف حسن القاسم رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي وسعادة عفراء الصابري المدير العام بوزارة التسامح والتعايش وسعادة الدكتور محمد مطر سالم الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف وسعادة عبد الرحيم النعيمي مدير عام أبوظبي للإعلام إضافة إلى أكثر من 40 من السفراء المعتمدين لدى الدولة وعدد من القيادات الاتحادية والمحلية وأعضاء المجلس الوطني الاتحادي. وحرص المؤتمر في بداية أنشطته بالوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا الذين سقطوا في سوريا وتركيا جراء الزلزال، وعبر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن كافة الحضور عن عزائه وتعاطفه مع أهالي الضحايا، داعيا الله أن يشفي المصابين، وأن يعم العالم السلام والأمن للجميع. وقال معاليه في كلمته إلى المؤتمر: ” إن اجتماع اليوم يعبر عن قوة التسامح والأخوة الإنسانية وما لهما من مكانة في فكر ووجدان الجميع .. فجميعا على يقين بأن الأخوة الإنسانية هي السبيل الأمثل للتفاهم والتعاون لتجاوز كافة صور الاختلاف، فهي تمنحنا القوة والشجاعة للتعامل مع التنوع الإنساني بما يخدم المجتمعات البشرية، كما إن الأخوة الإنسانية تتطلب منا التعرف على بعضنا البعض وأن نقضي على الهواجس والمخاوف التي تفرض علينا أنماط الانقسام والعنف وهي في الوقت نفسه لا تطالبنا بالتخلي عن هوياتنا والتزاماتنا وإنما تطالبنا بالحوار بمعنى التحدث والاستماع وإني على يقين من أن هذا الحوار سيكشف لنا عن تفاهمات مشتركة واختلافات حقيقية على حد سواء فالحوار الذي نعنيه لا يعني بالضرورة اتفاق الجميع على الطاولة وإنما يعني العزم على المشاركة النشطة بالتزام وعقل منفتح”. وأضاف : “ الأخوة الإنسانية تتطلب الحوار .. والحوار يعني التحدث والاستماع ، كل من الأخذ والعطاء ليكشف عن تفاهمات مشتركة واختلافات حقيقية على حد سواء .. الحوار لا يعني أن الجميع على الطاولة سيتفقون مع بعضهم البعض”.
وقال معاليه : “ إن الأخوة الإنسانية تتطلب ببساطة العزم على المشاركة بنشاط على الطاولة – بالتزامات وعقل منفتح .. إننا جميعا هنا هذا الصباح نمثل قوة التسامح والأخوة الإنسانية .. نتفق جميعا على أن الأخوة الإنسانية هي مسعى نشط للتفاهم والتعاون عبر خطوط الاختلاف وذلك من خلال توفير الطاقة والشجاعة للتعامل مع التنوع في السكان البشريين والاستفادة من هذا التنوع لصالح المجتمع”. وأضاف : ” أن هذه الأفكار حول الأبعاد المختلفة للأخوة الإنسانية تشكل جوهر حياتنا في الإمارات العربية المتحدة فلدينا ثقافة نعتز بها وفي الوقت نفسه بنينا هذا الوطن بمساهمات من أكثر سكان العالم تنوعا ثقافيا ويشرفنا أن نسير على درب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، الذي التزم بالتسامح والأخوة الإنسانية باعتبارها مكونا أساسيا لنجاح بلادنا وتبدو قيم التسامح والرحمة والأخوة والحوار في قيادته لدولة الإمارات نحو المستقبل حيث يعتمد سموه على عقله وضميره في تقديره الآخرين من خلال أفعالهم وليس من خلال جنسيتهم أو دينهم أوعرقهم أو جنسهم أو ثقافتهم، وقد أدت جهوده والتزامه بالسلام والوئام العالميين إلى إعلان أبوظبي التاريخي للأخوة الإنسانية قبل أربع سنوات التي وقعها قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال زيارتهما التاريخية لأبوظبي في عام 2019. وأوضح معاليه أنه في ظل قيادة وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” كان للإمارات دور فعال في إعلان الأمم المتحدة يوم 4 فبراير يوما دوليا للأخوة الإنسانية، معبرا عن عظيم شكره وتقديره لصاحب السمو رئيس الدولة وقداسة البابا وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر على منح العالم إعلان أبو ظبي التاريخي للأخوة الإنسانية وإتاحة الفرصة للاحتفال فهذا اليوم بقيمنا ومبادئنا المشتركة . وقال معاليه موجها حديثه إلى الحضور :” تشرفت العام الماضي بالتحدث إليكم وعبرت عن سعادتنا بانضمامكم إلينا في رحلة نشر التسامح والأخوة الإنسانية في جميع أنحاء العالم وأطلقنا التحالف العالمي للتسامح لنشر رسالة وثقافة التسامح والأخوة الإنسانية وإننا نستمد إلهامنا من الإمكانات الهائلة للتحالف العالمي للتسامح حيث يهدف إلى المساهمة في إرساء مجتمع محلي وإقليمي وعالمي أكثر سلاما وانسجاما وازدهارا وقدمنا مجموعة من الأهداف للتحالف التسامح العالمي تشمل التوعية بالتسامح والأخوة الإنسانية وفوائدهما للمجتمع والعالم وتبادل المعرفة بأفضل الممارسات التي تعزز وتشجع على ترسيخ التسامح والأخوة الإنسانية في المجتمع والعالم والاحتفال بالأخوة الإنسانية والمبادرات والأمثلة المؤيدة للتسامح في جميع أنحاء العالم ، في إطار خلق فرص للمشاركة المجتمعية المحلية والدولية لتعزيز التسامح والأخوة الإنسانية ويسرني أن أنوه بالتقدم المحرز بالفعل في تحقيق هذه الأهداف”. وأكد معاليه أن المبادرات المقترحة والمناقشات المخطط لها اليوم تبشر بالخير لمستقبل التحالف العالمي للتسامح، معبرا عن استعداده الكامل للمضي قدما في التحالف العالمي للتسامح الذي تتسع أهدافه لتغطي جميع القضايا العالمية ولا سيما واحدة من أهم القضايا العالمية وهي السعي لحماية وتحسين البيئة الطبيعية من تهديد تغير المناخ فحماية البيئة والحفاظ على الاستدامة الاقتصادية والمجتمعية واحدة من العديد من القضايا التي تم تسليط الضوء عليها في إعلان أبو ظبي للأخوة الإنسانية.
ونوه معاليه إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” حدد هذا العام عاما للاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة وتوج باستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ “COP 28” في وقت لاحق من هذا العام مؤكدا أن دولة الإمارات تؤمن بأن الاستدامة هي مسؤولية المجتمع بأكمله وعندما يتعلق الأمر بالبيئة فإن المجتمع المسؤول هو بالضرورة عالمي فتغير المناخ لا يعترف بالحدود، ولكي يكون المجتمع العالمي فعالا يجب أن يكون مفعما بروح التسامح والأخوة الإنسانية لأن تحقيق النجاح المنشود يتطلب مشاركة الجميع بغض النظر عن اختلافاتهم أو خلفياتهم كما إن الأخوة الإنسانية هي الطريق السديد لدفع الحكومات والمؤسسات والصناعات والشركات والشعوب بشكل عام إلى العمل الفعال والمفيد والسلمي والموحد للمجتمع. وأشار معاليه إلى أنه من خلال مواجهة العديد من التحديات المرتبطة بالاستدامة فإن التحالف العالمي للتسامح لديه فرصة لإظهار أثر فضائل الأخوة الإنسانية والتسامح على الرفاهية الاجتماعية في جميع أنحاء العالم. وكجزء من التحالف تخطط وزارة التسامح والتعايش لإطلاق مشروع الاستدامة هذا العام تحت شعار “الأخوة الإنسانية هي عامل تمكين للاستدامة” مؤكدا أن نجاح هذا المشروع يتطلب إقامة شراكات فعالة والتزاما قويا بالخدمة العامة على كل مستويات المجتمع العالمي ولذا يسعد وزارة التسامح والتعايش التواصل مع الجميع لاستطلاع الأفكار والآراء في هذه القمة وما بعدها. واختتم معاليه كلمته بالقول : “ تدفعنا العديد من الأسباب لنتطلع لمستقبل الأخوة الإنسانية في العالم .. وليساعدنا الله على التواصل مع بعضنا البعض بروح الأخوة الإنسانية والالتزام بالعيش معا في سلام وأمان وازدهار .. أشكركم جميعا على وجودكم معنا اليوم .. معا يمكننا إطلاق العنان للقوة التي لدينا جميعا لجعل العالم مكانا أفضل ”. من جانبه أعرب سعادة محمد عبد السلام ، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين عن فخره واعتزازه بأن أصبحت وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية مصدر إلهام لكل محبي الخير والتعايش والسلام حول العالم حيث تبنتها العديد من الدول وقادة وزعماْء الأديان بالإضافة إلى إدراجها في العديد من برامج التعليم في أعرق الجامعات العالمية. وأكد أن انعقاد القمة العالمية للتسامح والأخوة الإنسانية بالشراكة بين وزارة التسامح والتعايش ومجلس حكماء المسلمين تزامنا مع الاحتفاء باليوم الدولي للأخوة الإنسانية والذي يوافق الذكرى الرابعة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية الوثيقة الأهم في التاريخ الإنساني الحديث يستهدف توجيه رسالة إلى ضمير العالم ورموزه الدينية وقياداته المجتمعية ونخبه الفكرية والثقافية والمؤثرين من إعلاميين وشباب عن الأهمية الحاسمة للعمل في سبيل تعزيز الأخوة الإنسانية خاصة في ظل ما تواجهه الإنسانية من مخاطر الكراهية والعنصرية والخوف المرضي من الآخر.
من جهته قال نيافة المطران الدكتور بيرترام ماير رئيس لجنة الشؤون الكنسية الدولية التابعة لمؤتمر الأساقفة الألمان وأسقف كاثوليكي مسؤول عن الحوار بين الأديان في ألمانيا : “ يشرفني أن أشارك في هذه القمة وأود أن أشكر وزارة التسامح والتعايش وكذلك مجلس حكماء المسلمين على دعوتهم الكريمة وعلى كل جهودهم لتوطيد أواصر الأخوة الإنسانية”. وأكد المطران الدكتور بيرترام ماير أن البابا فرنسيس قد تناول فكرة العلاقة “الأخوية” بين جميع الناس وتطويرها واصفا إياها بقوله “إنها صداقة اجتماعية لا تستثني أحدًا وأخوة مفتوحة للجميع” . بدوره قال الدكتور جواد الخوئي استاذ كرسي اليونسكو لتطوير دراسات الحوار بين الأديان : ” إنَّ الأديانَ هي رسائلُ إلهيةٌ جاءتْ لهدايةِ البشرِ إلى السلامِ والمودَّةِ والتسامُحِ والتعاوُنِ فليس هنالكَ مفهومٌ مشترَكٌ بينَ الأديانِ السماويةِ أكثرُ عمقًا من مفردةِ السلامِ على اختلافِ اشتقاقاتِها واستعمالاتِها في أبعادِها الإنسانيةِ كافَّة فالسلامُ هو فِطرةٌ إنسانيةٌ وهدفٌ نبيلٌ لجميعِ الأُمَمِ والشُعوبِ وقد أدّى هذا المفهومُ دورًا مهمًّا في العصرِ الراهنِ فما سيادةُ القانونِ والتكافُلُ الاجتماعيُّ والتعايُشُ السِلميُّ ونبذُ العنفِ وتحقيقُ مبدأِ المواطنةِ والمساواةِ والعدالةِ والحرِّياتِ العامّةِ إلا مفاهيمٌ تنشدُ جميعُها تحقيقَ السلامِ. وقال الدكتور إياد أبو مغلي مدير مؤسسة الإيمان من أجل الأرض وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة : “ إن وثيقة الأخوة الإنسانية تبدأ باسم الله الذي خلق الأرض لتعيش فيها ويتمتع بحقوق وكرامة ومسؤوليات متساوية مع قيم الحب والسلام ومع ذلك استغلت الإنسانية الأرض لعقود من الزمان بشكل مفرط ودمرت مواردها الطبيعية مما تسبب في عدم المساواة بين الأمم والشعوب والبؤس للفقراء والمحرومين وهي آثار يجب مواجهتها حيث تتفق جميع الأديان على المسؤولية الروحية والأخلاقية للإنسان تجاه الأرض وتملي العديد من الأديان ما يأكله الناس ويشربونه وكيف يجب أن يمشوا على الأرض لذلك تؤثر تلك القيم على السلوك الفردي والمؤسسي تجاه الطبيعة والموارد الطبيعية وتؤكد دراسة العلاقة بين أنظمة المعتقدات والسياسة البيئية على حتمية وضع الفاعلين الدينيين في طليعة الإدارة البيئية ”.